أعلان الهيدر

الأحد، 22 يناير 2012

الرئيسية حكايه تمساح مع اللتراس الزمالك

حكايه تمساح مع اللتراس الزمالك

عندما أحرز أحمد تمساح لاعب الداخلية هدف فريقه الوحيد فى مرمى الزمالك لم يكن هناك ما يبرر تلويحه لجماهير الزمالك واضعا إصبعه على فمه بعلامة «ششش»، فللأمانة لم تأتِ سيرة فريقه على لسان الجماهير لا بالخير ولا بالشر طوال المباراة، ففريق الداخلية المجتهد أمامه سنوات طويلة حتى يحتل مكانا ما فى هتافات الجماهير بالسلب أو الإيجاب، فكرت طويلا فى معنى إشارة التمساح وسببها، ولم أجد تفسيرا سوى أنها كانت ردا على هتافات الجماهير ضد الوزارة التابع لها فريقه.
ولكن يا تمساح بيه لماذا هتفَت الجماهير ضد الداخلية؟
بدايةً ما كنت لأتحرك من منزلى فى هذا البرد القارس باتجاه الاستاد لولا الإلحاح، مستوى الزمالك حاليا لا يستحق هذه التغريبة من وسط المدينة إلى خلاء الاستاد، حيث يلف الصقيع فى دوائر أنت مركزها إلى أن يتلف بنهاية التسعين دقيقة مثلث الأنف والأذن والحنجرة، كنت أرى الذهاب إلى الاستاد والزمالك فى هذه الحالة وقتا ضائعا سيحاسبنى الله عليه بقوة، أنا واحد من كثيرين يسعدون عندما تفتح مدرسة الفن والهندسة أبوابها للمتعة حتى لو كانت النتيجة النهائية «لم ينجح أحد»، ويمتعض بشدة عندما يفوز الفريق دون متعة، الزملكاوية أصلا ليسوا من أنصار نظرية التلاتة بونت، وأى واحد منهم على استعداد لأن يدفع التلاتة بونت من جيبه فى مقابل أن يشاهد كرة حلوة.
كانت الموسيقى العسكرية فى استقبالنا وصفقت لهم من قلبى لأنهم رغم الزى الميرى فنانون يقدمون ما يجيدونه فى هذا العراء الجليدى، إلى أن ظهر اثنان من أمناء الشرطة يحملان كرتونة يلقين منها على الجماهير هدايا أغلب الظن هى أعلام للزمالك أو فانلات رياضية، كانت محاولة لكسب ود الجماهير كان يمكن لها أن تمر بسلام فى ظروف أخرى مثل أن يكون توزيع الهدايا بشكل آخر غير الشكل المهين الذى تم به، كان العساكر والأمناء يلقون الهدايا عشوائيا على الناس عبر أسوار المدرجات، فتدافع الأطفال والمراهقون ليلحقوا بهذه المنح المجانية، فوقع منهم تحت الأقدام مَن وقع واشتبك منهم مَن اشتبك مع الباقين وهاجت الدنيا وأصبح المشهد مؤذيا بالفعل، وغلط الأمناء والعساكر غلطة عمرهم عندما اقتربوا بهذه الكرتونة من مدرج الألتراس، وما أدراك ما الألتراس وما كبرياء الألتراس واعتزازه بنفسه وبكيانه وبكرامة أفراده ومشجعى ناديه! لمح الألتراس الإهانة تقترب منهم ببطء فهتفوا فى حَمَلة الكرتونة «لأ.. لأ.. ارجع.. ارجع.. ارجع»، لكن العساكر والأمناء لم يستجيبوا لنداء الألتراس الذى حاول أن يحافظ على منظره وكرامته بشكل سلمى دون فائدة، وعندما وقعت الإهانة استيقظ المارد فهز الهتاف جنبات الاستاد «مش ناسيين التحرير.. يا اولاد الـ.. الثورة كانت بالنسبالكو نكسة»، وظل يتكرر بقوة كزئير أسد مجروح لدرجة أننى لمحت الضباط الواقفين فى أرض الملعب وقد ارتبكوا وبدؤوا يتواصلون عبر أجهزة اللاسلكى.
كان الألتراس توقفوا عن ترديد هذا الهتاف منذ عدة ماتشات فى هدنة أشاد بها الجميع، ولكن شعورا ما بأن الداخلية تنظر إليهم كصِبية يمكن شراؤهم بهدايا مجانية أو تذاكر مجانية كان باعثا على اندلاع الهتاف، وهنا تتجلى تنويعة على ما لا يستطيع أحد أن يفهمه فى المطالبة باستكمال الثورة، فما شاهدناه -مع كامل الاحترام لحسن النية المتوافر فى هذه الفكرة- هو تنويعة على طريقة التفكير القديمة شكلا وفكرا، التى تسيطر على إدارة الأمور والتى لا تليق بشباب أسقطوا نظاما ولا تليق ببلد قامت فيه ثورة حتى يتعامل فيه الناس معاملة أفضل من إلقاء الكوبونات من الطائرات على الناس أو من الكرتونة عبر الأسوار.
ظل الألتراس مستفَزين طوال المباراة لذلك تكرر الهتاف، ثم دخلت هتافات أخرى: «سامع أم شهيد بتنادى.. مين هيجيبلى حق ولادى»، و«ثوار.. أحرار»… الألتراس شعر أنه برضه ماخدش حقه بعد هذه الإهانة، فقرر أن يشتم الأهلى بالمرة لعل شحنة الغضب تهدأ، وهكذا ما بين سب الداخلية وسب الأهلى ومسح الأرض بكرامة عمرو زكى حاول الألتراس أن يستعيدوا هدوءهم.
لكن أحمد تمساح (صاحب الهدف الذى يمكن اعتباره أجمل ما فى المباراة حقا) أبى أن لا يستمر الجمهور فى هذه الهتافات ضد الوزارة، فأشار لنا بالـ«شششش» بعصبية، وهو هنا تحول من لاعب كرة محترف إلى نقيب أمن مركزى، لذلك أعتقد أن بقية زملائه فى الملعب عندما جروا ناحيته ليهنئوه على الهدف كانوا يهتفون له «جدع يا باشا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.